روى الشيخ المفيد بسنده عن أبي جهضم الأزدي عن أبيه ـ وذكر حديث تسيير عثمان أبا ذر إلى الشام ثمّ تسييره من الشام إلى المدينة ـ إلى أن قال ـ : « فلمّا دخل عليه قال له : لا قرّ الله بعمرو عينا. فقال أبو ذر : والله ما سمّاني أبواي عمروا ، ولكن لا قرّب الله من عصاه وخالف أمره وارتكب هواه ، فقام إليه كعب الأحبار فقال له : ألا تتقي الله يا شيخ وتجيب أمير المؤمنين بهذا الكلام ، فرفع أبو ذر عصا كانت في يده فضرب بها رأس كعب ثمّ قال : يا بن اليهوديَين ما كلامك مع المسلمين فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد ، فقال عثمان : والله لا جمعتني وإياك دار ، قد خرفت وذهب عقلك ، أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقة بغير وطاء ، ثمّ انخسوا به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة فأنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاضِ ، فأخرجوه متعتعاً موهوناً بالعصا ، وتقدّم ان لا يشيّعه أحد من الناس ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فبكى حتى بلّ لحيته بدموعه ثمّ قال : هكذا يصنع بصاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثمّ نهض ومعه الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن العباس والفضل (۲٥) وقثم وعبيد الله حتى لحقوا أبا ذر فشيّعوه ، فلمّا بصر بهم أبو ذر رضي الله عنه حنّ إليهم وبكى عليهم وقال : بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وشملتني البركة برؤيتها ، ثمّ رفع يديه إلى السماء وقال : أحبّهم ولو قطعت إرباً إربا في محبتهم مازلت عنها ، أبتغي وجهك والدار الآخرة. فارجعوا رحمكم الله ، والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة ، فودّعه القوم فرجعوا وهم يبكون على فراقه »